تشارلز سيميك: صوتٌ ينطق بالمنفى والأميركية معاً

محمد بركل أبو تمام / خاص سبا 

أقتفي أثر الموت الذي بصبر الجاسوس ينتظرني.

الشجرةُ التي زينها العشاق بالخرز والخرق الملوّنة.

الشجرة التي تمتمت لها وأنا أتلو تعاويذ غامضة لا يفقهها إلا عشاق تائهون.

الشجرة المنحنية على ضفاف قلوب ترتعش كعصافير الثلج.

الشجرة التي عقّدتُ سيوراً بألوان قوس القزح على خاصرتها لآمال ربيعها حبيبتي.

الشجرة التي لم تتباهى يوماً كما اللوز بفستانها الملائكي أو الزيزفون بعبقها الهادئ كالمسيح.

الشجرة التي كان يكفيها زيارة مريديها المساكين.

الشجرة التي رقصتُ معها ذات الثمالة، فحفرت على جذعها (لبي لي كل ما أتمناه، امنحيني حباً وحياةً وسلاماً...).

كتب شخص آخر:

-         وحدكِ تعلمين كم أحبها...! (م.ف). 

عزف لها صديقي الراحل لحناً وغنّى (ليست الحياة جرعة ماء وكسرة خبز).

الشجرة الطفلة اليتيمة لأنقاض رجلٍ لا يعرف أحد أسمه، لكنه قريبٌ منهم جميعاً، فما ردَّ أحد إلا مطمئناً فَرحاً، يرقد الآن في ذاكرة قاصديه فقط.

الشجرة التي جعلتني أؤمن بخرافاتي الصغيرة والبريئة.

الشجرة التوت العارية تماماً إلا من الخرق والخرز.

الشجرة التي ذبحوها، فرحلت مضمخّة بحنّاء عشاقها.

الشجرة التي رحلت دون أن تنسى تأخذ معها حِرقَةً ترتدي خرقة لذكرى حبيباتنا

تلك هي...

تلك هي شجرة ميلادي.

تلك هي سدرة المنتهى.

ملحوظة:

شجرة الأقدار هكذا سمّوها عشاق مدينة كوباني، كانت الراهبة الوحيدة على جبل «مشته نور»، تسهر على تدوين تواريخ العشاق وتيسير مصائر عشقهم، قطعها مجهولون معلومون ذات ليلة، ويُقال أنهم من قاطعي الآمال والعشق.