-->
U3F1ZWV6ZTEzNzUzMDQwMTQxX0FjdGl2YXRpb24xNTU4MDI5NzIxNDY=
recent
جديدنا

سليم بركات .. ومقاله الإشكالي عن علاقته بالشاعر " محمود درويش"


حسان عزت / خاص سبا


لا يقرأ مقال سليم بركات الإشكالي المكتوب بلغة البردي إلا على الواقعي والمجاز، ومَن يعرف الشاعر سليم بركات يعرف كيف يكتب؟ ولماذا يكتب؟ ابن التجربة الفاردة ولهيب البركان، ولا أدري لماذا أجد رابطاً بين مَن يتصيدون الفضائح ومَن يضربون الكراكي بمقلاع فيسقطونها عن سماء وهم يتشفون ويباهون كمَن لم يرَ غير شيّات أمه فيغشى، وهم  يحوكون الزعم الغضوب بأنهم حراس الفزعة وأن الكراكي  (أبو سعد) خائنة أو تمرر الديث على معطفِ الفضيحة.
أذكر في طفولتنا وكانت الكراكي ترتحل في سمائنا، وتحط بعضها في أرضنا أثناء سقاية الحقول لتأكل الديدان...
كانت الكراكي جميلة بأسرابها، وبتزيين سمائنا وبارتحالها، وبتوقفها على رؤوس أشجارنا، وبالبشرى التي تصطحبها معها من بلدانها الأصل في رحلاتها الموسمية المعروفة، كنا نسمي واحدها أبا سعد لماذا لا أدري، هل الاسم مشتق من السعود  الحظ (السعد) وربما لشيء آخر...
وكنا صغاراً في قرانا نتمتع فرحين بظهور أسراب الأبي سعد نودّعها بقلوبنا وأعيننا ونحن نغني لها:
أبو سعد زيرو
قلّعْ مساميرو
حطّ جاجة فوق جاجة
قلّع مرتكْ هالغنّاجة.
ولم نكن قد عرفنا الاسم الفصيح لهذا الطير الغريب عن بيئاتنا، بجانحيه الطويلين وجسده الكبير نسبياً إلى طيور ريفنا وساقيه الممدودين خلفه كالمقطورة وراء السيارة...
فلماذا الأغنية وهل هي عن الكركي الذي لا يغار على امرأته (الغناجة) المغناج، وقد ركبت فوقها دجاجة أخرى تبكّها في فعل جنسي يتواطأ عليه أبو سعد الزيرو...
أم كناية واستعارة مجاز لشخص بشري اسمه أبو سعد لا يغار على امرأته الزاحلة، من يدري؟
بين الكتابة والصحبة المفارقة...
المجاز أولاً في النخب
والحياة ورحلة الدرب.
سليم بركات محمود درويش وأنا:

عندما يريد الشاعر أن يكتب حياته مجازاً، ويحل اغترابه باللغة وبالكتابة (نحنُ كتبة) ويدخل حلم الكتابة والرغبة بالخطاب الفني شعراً وبلاغة ونصاً، وهو يقرأ الصورة بلوني الأسود والرمادي...
فهو يريد من نصه أن يكون قصيدة أخرى بلغة مغايرة تؤكد منهجه في الفن وتكون استراحة من عبء يحمله ويكتبه (هكذا) بطريقة البردي، ويدير الظهر له، على طريقة المتنبي:
"أنام ملءَ عيوني  عن  شواردها
ويسهر الخلق جرّاها ويختصموا".
فليس على القارئ الخاص أن يستقرئ الجمال في برهاته العلا، ويحيل العلاقات المتداخلة والمتشابكة فنية واضطراد معنى بصور وأخيلة وظلال زمان بعيد، ولا أن يجعل من نفسه محللاً وعتبة للشرح الواقعي، وإعطاء الصور والمجاز معان واقعية حياتية واضحة وعادية... فلانٌ أقام علاقة جنس مع امرأة صفاتها... ملامحها... وحملت منه ببنت قالت له أمها بأنها أنجبتها منه...
وما دامت المرأة بالرمز الحادثة مرت بشكل عابر، لم يصرح درويش باسمها، ولا هو بركات حاول أن يعرف أو يبحث مستزيداً، فلماذا نحمّل ما لم يحتمله النص، ونذهب إلى التأويل، والتحميل، وندين هذا أو ذاك، ونأخذ النص من فنيات حققها إلى واقعية تسقط به إلى درك العادي اليومي، والشعبي الذي طالما يبحث عن الفضائح ويطنطن بها، على طريقة التعريص والتعريض والوشاية، وادعاء التمتع بصيد الأسرار، كمَن يضربون الكركي الذي حطّ على الأرض ليشرب أو يأكل بمقلاع فيكسرون ساقه ليعلنوا لأنفسهم الظفر...
تبقى المسالة في الشعر وحالة الشعر، وفي قصيدة فوق القصيدة لم يكتبها الشاعر ابناً مثل غيره فحملتها امرأة الحب وجانب حملها هو كي لا تذكره بحمل أبوة لا يستطيعه أو لم يهيّأ له.
صبية أحبت الشاعر وأحبها كما الصدف والنزوات... وفي علاقة محض شعرية ودون أي التزامات، واتصلت به هاتفياً لمرات تخبره أنها حملت من تلك الليلة، وأن دمائه اختلطت بدمائها، لتستمر معها طفلة تذكرها به، وتفخر هي أنه ابنة الشاعر درويش...
النشر التوقيت لماذا الفن
لماذا اقتناص صيادي الفضيحة؟
الكراكي طائر السعد
ومَن يصيدونه بمقلاع عابرون في كلام عابر.
ضجة صفراء وخائبة حول مقال الشاعر سليم بركات الذي يكشف فيه سراً عابراً من أسرار الشاعر محمود درويش، وأسال هنا أي إبداع وأي خيانة، وأي جريمة
تلقى على مَن كشف جملة من صاحبه أمام حرب إبادة شعوب وأمة؟
كل الخيانة تمارس بحق الأمة، وذبح الأوطان لم تجعل هذه القطعان من المثقفين ومدعي الثقافة والحرية والأخلاق يثورون، وقد تكشفت أقنعة كبار وكانوا يحسبون كباراً، وهم يخونون ويبخسون حق شعب في الحرية والحياة ويذبح وشرد ويعتقل منه الملايين أمام مسمع ومرأى العالم.
وهنا يتشفون  بشاعر كشف جملة أو سرّاً لصديقه محمود درويش، فلا درويش نزل عن مكانته ولا سليم بركات تغيّر شعره وشخصيته وصداقته من درويش ولا القصيدة لم تعد قصيدة...
واسأل هنا: ماذا قدم آخر أولاد المتنبي لمكانته الشعرية والأدبية؟ وماذا حجب عن المعري ومكانته الإنسانية والفلسفية العظيمة وهو اتخذ موقفاً عجباً أن لا يجني على ولد كما فعل به أبوه؟
هذا جناه أبي عليّ
وما جنيت على أحد
إنّ كل هذا الهراء والإفك والبهتان والعفن الفاجر هو داء الأمة، ويقولون إبداع، ويقولون أخلاق، ويقولون كلمة.. و
مواقف وحرية، ألم يتهموا طه حسين بذلك وجبران وحتى درويش؟ ألم يتهموا نزار قباني ومحمد شحرور وصادق العظم وغيرهم... وغيرهم؟

قطعان من الكتبة والسطحيين والمقولبين واللاطين وراء أخلاق لا تساوي عندهم بصلة... لكنه الباطل، والصنمية والغوغاء... والمرض الذي لا شفاء منه.
يقرؤون، يحللون، يبدعون، يكتبون... باطل الأباطيل...
باطل الأباطيل
وليس سوى الهرب من مواجهة
إبادة الأوطان ومَن يقولون أضغاثاً وإبّالاً...
مسألة أخيرة لا بد من جلاءها هنا وهي أن العلاقة بين شاعرين كبيرين – درويش وبركات – كانت معايشة يومية ومشاركة في مشروع تحرر وطني عظيم ومواجهة للخيانات كلها والموت هي أكبر من كل هذا الخوض في جملة عابرة قالها محمود درويش أمام الشاعر سليم بركات وكشف فيها وأين في بيت سليم بركات في قبرص وزوجه حامل بابنه، إن لها ابنة من امرأة نام معها، ولم يعنه يوماً أن يتعرف على ابنته... ليس لأنها من علتقة عابرة؛ بل لان إنجاب الطفل مسؤولية وارتباط وتضحية بكل شيء ومحمود درويش لا يقدر على ذلك إنسانياً وتفرغاً...

ويمكن هنا لأي مبدع عظيم أن يقول أرادت امرأة أن تحمل مني ولداً ورفضت مع إغرائها بأن لا ترتبط وأن تقدم الملايين من أجل ذلك، لماذا؟ لأن نطفتي غالية وتعادل الكون وأنا لا أرميها سفاحاً، ولا بيعاً ولا زلفى. وإذا أعلى بركات اعتزازه بأبوته والتزامه بأسرة، فكي يقول: الأسرة وطني المعادل الذي حرمت منه وهو سورية التي حرمتني مواطنتها وأرادتني أكون مجند قتل فيها فرفضت، وتلك أعظم المسؤولية والموقف.
تعديل المشاركة Reactions:
 سليم بركات .. ومقاله  الإشكالي عن علاقته بالشاعر " محمود درويش"

can

تعليقات
    ليست هناك تعليقات
    إرسال تعليق
      الاسمبريد إلكترونيرسالة