سامي محمود ابراهيم (العراق) / خاص سبا
لا
أحد يستطيع أن يفهم نغماتك سوى من سمعها تغزلُ في روحك قبل أن تعزفها أوتار
الوجود. ففي فقه الواقع الصمت أبلغ من الكلام، وها هي جملة شوقنا لا تنطق فنحن
سكوت والهوى يتكلم. أجوبة ممزقة لأسئلة المستقبل المفتوح... هناك في غوره العميق
سنتصالح مع وجهنا المفقود بغياب لكن بنكهة الحضور، وهذا هو العرفان الذي يتوجب
علينا تحمله بخفة الوجدان لا بثقل الأبدان. مع ذلك لن ينتهي شغف القلب، سيبقى يحوم
حول نون اليقين.
هذه
قصتنا نحن بنو البشر، نشكلها إنسانا عبر الزمن ونحن نعبر نهر الحياة في أبدية
متصلة لا تنطق كلماتنا في غورها إلاّ همساً. أربكتنا تضاريس العمر ولا يغير هذا من
قناعاتنا شيئاً ففي مرايا الواقع شيء من الشك وبعض من أبجديتنا المشتتة ندعي
القواعد ونخالف النحو والإعراب.
يبدو
أننا لا نكتمل إلاّ بسنين القدر ولا يوجد شيء يساوي وصف الحياة. تلك التي يصمت
عندها كل لسان، والبوح لن يغير المعنى. ففي الوقت الذي سنحصل فيه على الأجوبة
ستكون الاسئلة قد تغيرت. عندها لا يغنينا إلاّ الأمل، لاسيما وأننا نصلح كثيرا
للتمني والإرجاء. والمفارقة أن حياتنا كلها محاولات عديدة لفهم كل شيء لكن ستنهكنا
الأسئلة وسننهيها محاولين الهرب من كل ما فهمنا. عندها سنردد سفر اللاعودة ونقول:
وجودنا أنت يا يقين وفي رحالك نحن سائرون.