لغةُ الذين لا يُروَّضون، لغةُ الذين لا ينكسرون
يخافون من «نَوْرُوزَ»؛
لأنّ الربيعَ
لا يُستأنسُ،
والنارُ
رمادٌ ووعدٌ بالقيامة.
يخافون من
وردةٍ
تَفتحُ فمَها
في وجهِ الرماحِ الحديثةِ،
ومن طِفلٍ
يرسمُ شمساً
على جدارٍ مكسورٍ،
ولا يخافْ.
يخافون من لِباسِنا،
من ألوانٍ
تتشابكُ كقوسٍ بعدَ العاصفةْ،
من قُماشةٍ
تحفظُ شكلَ الجبلِ في خيطِها،
ومن امرأةٍ
تمشي به، كأنّها قصيدةٌ على قدمين.
يخافون من
حروفٍ صَلبةٍ، وُلدَتْ في حَنجرةٍ حرّةٍ،
ومن كلماتٍ،
لا تركعُ حينَ تُنادى،
يخافون من
أشعار «جكرْخوينَ»[1]،
«مَلاي جَزيري»[2]،
و«أحمدي خَاني»[3]...
يخافون من
أغانينا،
من لحنٍ
يخرجُ من جرحٍ قديمْ،
يصعدُ إلى
السماءِ، كصلاةٍ لا تنطفئْ،
تذكّرُهم بأن
للوجع لساناً أجملَ من رصاصِهم.
يخافون من «Mey Nenoşê»[4]،
أنشودةُ الحنينِ
يخافون من «Kîne Em?»[5]،
السؤالُ الذي لا يُجاب
يخافون من «Newroz»[6]،
العيدُ الذي يُشعلُ الأرضَ بالولادةِ.
يخافون من «طَنبورِ»
علي أكبر مرادي[7]،
صوتُ الجبالِ حينَ تتنفّس.
من الذين
علّموا الريحَ أن تعودَ من منفاها،
ومن الذين بَنوا
وطناً في الذاكرة
حين سُرقَتِ
الأرضُ من تحتِ أقدامِهم.
يخافون من
ترابٍ يزهرُ بالدمِ،
ومن عصافيرٍ،
لا تعرفُ غيرَ الاتّجاه شمالاً،
شمالَ
الحياةِ
شمالَ الحبِّ
والسلامْ...
ومن طيورٍ، تهاجرُ
نحوَ الضوءِ،
حتّى لو لم
يبقَ في السماء ضوءٌ يُرى.
يخافون من
حياتِنا،
حياةٌ تُصرُّ
على أن تكونَ،
حتّى في
العدم.
[1]جكرخوين: كاتب وشاعر كوردي، من روّاد الشعر الكوردي الحديث. وظّف
التاريخ الكوردي، واستحضره كقصائد، حوّلها إلى وثيقة تاريخية.
[2]ملّاي جزيري: شاعر وصوفي، من أقدم شعراء الكورد الكلاسيكيين. قمّة
شاهقة من قمم الأدب الكوردي. يذكر دائماً مع الشاعرين الكورديين (أحمدي خاني) و
(فقيه تَيران) كأبرز روّاد الشعر الكوردي.
[3] أحمدي خاني: كاتب وشاعر
وفيلسوف ومتصوّف كوردي.
[4] إحدى أغاني رشيد صوفي، وهو
مغنّ وموسيقار كورديّ، وأشهر عازفي آلة العود.
[5] إحدى أغاني شفان بَروَر، وهو
مغنّ، شاعر، وموسيقي كوردي.
[6] إحدى الأغاني الشهيرة، لحسن
زيرك، وهو رائد وأسطورة الغناء الكوردي، مغنّي وكاتب أغاني، قيل عنه بأنه ألّف
أكثر من ألف أغنية في حياته.
[7] علي أكبر مرادي، ملحّن
وموسيقار كورديّ، وخبير في العزف على آلة الطنبور، والموسيقى الصوفية الكلاسيكية.
ويعتبر مرادي المعلّم الأوّل للموسيقى الدينية والمقامات الكوردية.